الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
تاسعا وعاشرا: الزوجية في بناء كل من الأحماض الأمينية والبروتينات:تعد الأحماض الأمينية الوحدة البنائية الأساسية لمختلف جزيئات المواد البروتينية التي تنبني منها أجساد الكائنات الحية.والأحماض الأمينية من الأحماض الدهنية، التي تذوب في الماء بسهولة في أغلب الأحيان، ولها في حالتها المتبلورة نشاط ضوئي ملحوظ بسبب احتواء جزيئاتها علي ذرة كربون محاطة بأربع مجموعات مختلفة هي: مجموعة الأمين (NH2) ومجموعة الكربوكسيل (COOH) ومجموعة الحمض (R) وذرة إيدروجين (H).ولذلك فالجزئ غير متماثل، وتتحرك هذه المجموعات لتتبادل الأوضاع حول ذرة الكربون، فقد توجد مجموعة الأمين (NH2) في مواضع مختلفة بالنسبة لمجموعة الكربوكسيل.ونظرا لعدم تماثل جزئ الحمض الأميني فإن كل واحد من الأحماض الأمينية يمكن أن يوجد في شكلين أحدهما يدير مستوي الضوء المستقطب إلي اليمين ويعرف باسم الشكل اليميني (Right-handedisomer) والشكل الآخر يديره إلي اليسار ويعرف باسم الشكل اليساري (Left-handedisomer).وقد ثبت أن الأحماض الأمينية في أجساد جميع الكائنات الحية (النباتية والحيوانية والإنسية) هي من الأشكال المرتبة ترتيبا يساريا، فإذا ما مات الكائن الحي فإن الأحماض الأمينية اليسارية الترتيب في بقايا جسده تبدأ بإعادة ترتيب الذرات في داخل جزيئاتها من الترتيب اليساري إلي الترتيب اليميني بمعدلات ثابتة حتي يتساوي الشكلان، ويعرف هذا الخليط باسم الخليط الراسمي (RacemicMixture) وهو خليط لايمكنه تحريك مستوي الضوء المستقطب، ولكنه يمثل صورة من صور الزوجية في أضيق صورها.ويمكن استخدام نسبة الشكلين اليميني واليساري للحمض الأميني الواحد في بقايا أي من النبات أو الحيوان أو الإنسان في تحديد لحظة وفاته بدقة بالغة.ومعروف من الاحماض الأمينية البانية للبروتينات عشرين نوعا كل منها ممثل بزوجية واضحة، وباتحاد هذه الأحماض الأمينية العشرين يمكن بناء أكثر من مليون نوع من أنواع البروتينات، والخلية الحية في جسم الإنسان قد أعطاها الله تعالى القدرة علي إنتاج مائتي ألف نوع من أنواع البروتينات، وبالمثل فإن كل جزئ من جزيئات البروتينات العديدة يمكن أن يكون له شكل يميني وآخر يساري، وهي في أجساد جميع الكائنات الحية من الشكل اليساري.وكذلك النويدات علي الصبغيات وهي أصغر وحدات الحمض النووي الريبي والريبي المراسل DNA،RNA منها اليميني واليساري، وكلها في أجساد الكائنات الحية من الشكل اليميني.وفوق ذلك فإن كل واحد من البروتينات له ضده Proteins And Antiproteins، وكل جسم من الأجسام المكونة من البروتينات له ضده Bodies And Antibodies بالإضافة إلي أن من البروتينات بروتينات بانية وأخري هادمة Constructive Proteins and Destructiveones.حادي عشر إلى السابع عشر: الزوجية في المادة وفي مركباتها:تتضح الزوجية في مركبات المادة في شقيها الموجب Cation والسالب Anion كما تتضح في تركيب الذرة بنواتها التي تحمل شحنة موجبة واليكتروناتها التي تدور حول النواة حاملة شحنة سالبة مكافئة.وقد ثبت أن للمادة قرابة الثلاثين نوعا من أنواع اللبنات الأولية، وكل واحدة منها لها نقيضها، كما أن الجسيمات الأولية للمادة لها لكل جسيم نقيضه، وأن المادة ككل لها نقيض المادة، وإذا التقت النقائض فإن كل واحد منها يفني نظيره، لأنهما يتخليان عن طبيعتهما المادية، ويتحولان الي طاقة تعلن عن فناء المادة، ومن هنا كان الوجود والعدم، وكانت إمكانية الايجاد من العدم أي الخلق علي غير مثال سابق، وإمكانية الافناء إلي العدم، ولا يقدر علي ذلك أحد غير الإله الخالق سبحانه وتعالي، وكذلك الطاقة فإن لكل صورة من صورها ماهو ضدها، فالكهرباء فيها الموجب والسالب، والمغناطيسية فيها العادي والمقلوب المعكوس، حتي الضوء له زوجية واضحة لأنه يتحرك أحيانا علي هيئة أمواج، وأحيانا أخري علي هيئة جسيمات.كذلك ثبت أن المادة والطاقة وجهان لعملة واحدة ولجوهر واحد يشير إلي وحدانية الخالق سبحانه وتعالى وخلق اللبنات الأولية للمادة علي هيئة أزواج، وتحويلها إلي طاقة علي هيئة زوجية أيضا، وإمكانية رد الطاقة إلي حالة مادية تأكيد علي حقيقة بدء الخلق من العدم وعلي إمكانية إفنائه إلي العدم.ونحن نري الزوجية في كل صورة من صور الخلق: من أدق دقائقه إلي أكبر وحداته، حتي يبقي الخالق سبحانه وتعالى متفردا بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه، ونري كذلك وحدة البناء في الخلق تجسيدا لوحدانية الخالق سبحانه وتعالي.فلكل جسيم في الذرة جسيم نقيض.. وهذه الجسيمات ونقائضها تكون المادة والمادة النقيضة، وفي النقائض توجد كل الصفات نقائض معكوسة أيضا من الشحنات الكهربية إلي المجالات المغناطيسية الي اتجاهات الدوران، وعلي ذلك فلا يمكن لمثل تلك النقائض أن تجتمع في مكان واحد وإلا أفني بعضها بعضا.فسبحان الذي خلق الخلق في زوجية واضحة تشهد له بالألوهية والربوبية والوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه، وسبحانه إذ خلق المادة ونقائضها من الطاقة ونقائضها، وسبحانه إذ خلق تلك النقائض في نفس الوقت وبنفس القدر حتي يثبت لنا الخلق من العدم، وإمكانية الافناء إلي العدم!!.وسبحانه إذ فصل بين المادة ونقائضها حتي يوجد هذا الكون الشاسع الاتساع، الدقيق البناء، المحكم الحركة، المنضبط في كل أمر من أموره، والمبني علي وتيرة واحدة تشهد للخالق سبحانه وتعالى بالوحدانية. وسبحانه إذ أبقي المادة النقيضة في مكان ما عنده حتي إذا شاءت إرادته إفناء الكون جمع المادة ونقائضها بأمره كن فيكون، وإذا شاء بعث كل شيء بفصلهما بالأمر كن فيكون.وسبحانه إذ قرر هذه الحقيقة الكونية فقال عز من قائل: ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرونالذاريات: 49.وهي حقيقة لم يدركها علم الإنسان الكسبي إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين، وورودها في كتاب الله المنزل علي خاتم أنبيائه ورسله من قبل ألف وأربعمائة من السنين لمما يقطع بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق ويجزم بالنبوة وبالرسالة لسيدنا محمد بن عبدالله صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين والحمد لله رب العالمين. اهـ.
ويقال أَيضًا: هذا يَسَعُ عِشْرِين كَيْلًا، معناه: يَسَعُ لِعشرين، أي يتَّسِع لذلك.ومِثْلُه: هذا الخُفُّ يَسَعُ رِجْلِى، أي يتَّسع لَها وعليها.وتقول: هذا يَسَعُه عشرون كَيْلًا، أي يَسَعُ فيه عِشْرِين كَيْلًا، ويقال: وَسِعَتْ رحمةُ اللهِ كلّ شيء ولكلّ شيء وعلى كلِّ شىءٍ.وفى حديث النبىّ صلَّى الله عليه وسلم: «إِنكم لن تَسَعُوا النَّاسَ بأَمْوالِكم فَلْيَسَعْهم منكم بَسْطُ وَجْه وحُسْنُ خُلُق».والوُسْعُ والوَسْعُ بالحركات الثلاث: السَّعَةُ والجدَةُ والطَّاقَةُ.وقرأ ابن أَبِى عَيْلة: {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وَسْعَها} بالفتح، وقرأ عِكْرِمَةُ: (وسِْعَها) بالكسر.والهاءُ في السَّعَةِ عِوَضٌ عن الواو.وشىْءٌ وَسِيعٌ، أي واسِعٌ. ويَسَع: اسمٌ من أَسماءِ العَجَم، وقد أُدْخِل عليه الأَلفُ واللاَّم، وهما لا يَدْخلان على نظائره، نحو يَعْمُرَ ويَزيدَ ويَشْكُرَ.وقرأ حَمزة والكسائىّ وخَلَف.{واللَّيْسَع} بِلامَيْن، وقرأ الباقون {والْيَسَع} بلامٍ واحدة.وأَوسع الرّجلُ صارَ ذا سَعَة وغِنىً، قال الله تعالى: {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} أي أَغنياءُ قادِرون.وأَوْسَعَ الله عليك، أي أَغْناك. وأَوْسعْتُ المكانَ: وجدتُه واسِعًا، يقال: (أَوْسَعْتَ فابْنِ) والتَّوّسِيعُ: خلاف التَّضْيْيق وتَوَسَّعُوا في المَجْلس أي تَفَسَّحوا. واسْتَوْسَعَ: اتَّسع.وقول النابغة: أَى تتَوَسَّع لى البِلادُ.واعلم أَنَّ السَّعَة تكونُ في الأَمكِنَة وفى الحال، وفى الفعل، كالقُدْرة والجُودِ ونحو ذلك، ففى المكان نحو قوله تعالى: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً}، وفى الحال: نحو {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ}.قال أَبو القاسم: الوُسْعُ من القُدْرَة: ما يَفْضُل عن قَدْرِ المكلَّف، قال تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} تنبيهًا أَنَّه يكلِّف عبدَه دون ما تَنُوءُ به قُدْرَته.وقيل: معناه: يُكلِّفه ما يُثْمِرُ له السَّعَة، أي جَنَّة عرضُها السماوات والأَرض.وقوله تعالى: {وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} وقوله: {وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، {وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} عبارة عن سَعَةِ عِلْمه وقُدْرته وأَفضْاله ورَحْمَته، كقوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}. اهـ.
|