الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وأخرج ابن أبي شيبة عن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير نساء ركبن الإبل نساء قريش. أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على بعل في ذات يده، ولو علمت أن مريم ابنة عمران ركبت بعيرًا ما فضلت عليها أحدًا».وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {إن الله اصطفاك وطهرك} قال: جعلك طيبة ايمانًا.وأخرج ابن حاتم عن السدي {وطهرك} قال: من الحيض {واصطفاك على نساء العالمين} قال: على نساء ذلك الزمان الذي هم فيه.وأخرج ابن جرير عن ابن إسحق قال: كانت مريم حبيسًا في الكنيسة ومعها في الكنيسة غلام اسمه يوسف، وقد كان أمه وأبوه جعلاه نذيرًا حبيسًا فكانا في الكنيسة جميعًا، وكانت مريم إذا نفذ ماؤها وماء يوسف أخذا قلتيهما فانطلقا إلى المفازة التي فيها الماء، فيملآن ثم يرجعان والملائكة في ذلك مقبلة على مريم {يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين} فإذا سمع ذلك زكريا قال: أن لابنة عمران لشأنا.وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد {يا مريم اقنتي لربك} قال: اطيلي الركود يعني القيام.وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال: لما قيل لها {اقنتي لربك} قامت حتى ورمت قدماها.وأخرج ابن جرير عن الأوزاعي قال: كانت مريم تقوم حتى يسيل القيح من قدميها.وأخرج ابن عساكر عن ابن سعيد قال: كانت مريم تصلي حتى ترم قدماها.وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير {اقنتي لربك} قال: اخلصي.وأخرج عن قتادة قال: {اقنتي لربك} قال: أطيعي ربك.وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن ابن مسعود أنه كان يقرأ {واركعي واسجدي في الساجدين}.وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله: {وما كنت لديهم} يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم.وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم} قال: إن مريم عليها السلام لما وضعت في المسجد اقترع عليها أهل المصلى وهم يكتبون الوحي، فاقترعوا بأقلامهم أيهم يكفلها فقال الله لمحمد: {وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون}.وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم} قال: ألقوا أقلامهم في الماء فذهبت مع الجرية، وصعد قلم زكريا فكفلها زكريا.وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع قال: ألقوا أقلامهم يقال: عصيهم تلقاء جرية الماء، فاستقبلت عصا زكريا عليه السلام جرية الماء فقرعهم.وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج قال: {أقلامهم} قال: التي يكتبون بها التوراة.وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد. مثله.وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عطاء {أقلامهم} يعني قداحهم.وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال لما وهب الله لزكريا يحيى، وبلغ ثلاث سنين بشر الله مريم بعيسى. فبينما هي في المحراب إذ قالت الملائكة- وهو جبريل وحده- {يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك} من الفاحشة {واصطفاك} يعني اختارك {على نساء العالمين} عالم امتها {يا مريم اقنتي لربك} يعني صلي لربك يقول: اركدي لربك في الصلاة بطول القيام، فكانت تقوم حتى ورمت قدماها {واسجدي واركعي مع الراكعين} يعني مع المصلين مع قراء بيت المقدس.يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم {ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك} يعني بالخبر {الغيب} في قصة زكريا ويحيى ومريم {وما كنت لديهم} يعني عندهم {إذ يلقون أقلامهم} في كفالة مريم ثم قال يا محمد يخبر بقصة عيسى {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهًا في الدنيا} يعني مكينًا عند الله في الدنيا من المقربين في الآخرة {ويكلم الناس في المهد} يعني في الخرق {وكهلًا} ويكلمهم كهلًا إذا اجتمع قبل أن يرفع إلى السماء {ومن الصالحين} يعني من المرسلين.وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن وهب قال: لما استقر حمل مريم وبشرها جبريل. وثقت بكرامة الله واطمأنت، فطابت نفسًا واشتد ازرها، وكان معها في المحررين ابن خال لها يقال له يوسف، وكان يخدمها من وراء الحجاب، ويكلمها ويناولها الشيء من وراء الحجاب وكان أول من اطلع على حملها هو، واهتم لذلك وأحزنه، وخاف منه البلية التي لا قبل بها، ولم يشعر من اين اتيت مريم، وشغله عن النظر في أمر نفسه وعمله لأنه كان رجلًا متعبدًا حكيمًا، وكان من قبل أن تضرب مريم الحجاب على نفسها تكون معه، ونشأ معها.وكانت مريم إذا نفد ماؤها وماء يوسف أخذا قلتيهما ثم انطلقا إلى المفازة التي فيها الماء، فيملآن قلتيهما ثم يرجعان إلى الكنيسة والملائكة مقبلة على مريم بالبشارة {يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك} فكان يعجب يوسف ما يسمع. فلما استبان ليوسف حمل مريم وقع في نفسه من أمرها حتى كاد أن يفتتن، فلما أراد أن يتهمها في نفسه ذكر ما طهرها الله واصطفاها، وما وعد الله أمها أنه يعيذها وذريتها من الشيطان الرجيم، وما سمع من قول الملائكة {يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك} فذكر الفضائل التي فضلها الله تعالى بها وقال: إن زكريا قد أحرزها في المحراب قلا يدخل عليها أحد وليس للشيطان عليها سبيل فمن أين هذا؟فلما رأى من تغير لونها، وظهور بطنها، عظم ذلك عليه، فعرض لها فقال: يا مريم هل يكون زرع من غير بذر؟ قالت: نعم.قال: وكيف ذلك؟! قالت: إن الله خلق البذر الأول من غير نبات، وأنبت الزرع الأول من غير بذر، ولعلك تقول: لولا أنه استعان عليه بالبذر لغلبه حتى لا يقدر على أنه يخلقه ولا ينبته. قال يوسف: أعوذ بالله أن أقول ذلك. قد صدقت وقلت بالنور والحكمة، وكما قدر أن يخلق الزرع الأول وينتبه من غير بذر، يقدر على أن يجعل زرعًا من غير بذر، فاخبريني هل ينبت الشجر من غير ماء ولا مطر؟ قالت: ألم تعلم أن للبذور والزرع والماء والمطر والشجر خالقًا واحدًا! فلعلك تقول لولا الماء والمطر لم يقدر على أن ينبت الشجر. قال: أعوذ بالله أن أقول ذلك! قد صدقت. فاخبريني هل يكون ولد أو رجل من غير ذكر؟ قالت: نعم. قال: وكيف ذلك؟ قالت: ألم تعلم أن الله خلق آدم وحواء امرأته من غير حبل ولا أنثى ولا ذكر قال: بلى. فاخبريني خبرك؟ قالت: بشرني الله {بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم} إلى قوله: {ومن الصالحين} فعلم يوسف أن ذلك أمر من الله لسبب خير أراده بمريم، فسكت عنها.فلم تزل على ذلك حتى ضربها الطلق، فنوديت أن أخرجي من المحراب فخرجت.وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك} قال: شافهتها الملائكة بذلك.وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {يبشرك بكلمة منه} قال: عيسى هو الكلمة من الله.وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لم يكن من الأنبياء من له اسمان إلا عيسى ومحمد عليهما السلام.وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم قال: المسيح الصديق.وأخرج ابن جرير عن سعيد قال: إنما سمي المسيح لأنه مسح بالبركة.وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن عبد الرحمن الثقفي. أن عيسى كان سائحًا ولذلك سمي المسيح. كان يمسي بأرض ويصبح بأخرى، وانه لم يتزّوج حتى رفع.وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {ومن المقربين} يقول: ومن المقربين عند الله يوم القيامة. اهـ.
|