الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
احتج ابن الجوزي في "التحقيق" لأصحابنا بحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقالت: يا رسول اللّه إني امرأة أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال: "لا، إنما ذلك عرق، وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم". قال هشام: قال أبي: ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت، انتهى. واعترض [وهو البيهقي في "سننه" ص 344 - ج 1، ويؤيده سياق الدارمي: ص 106] الخصم بأن قوله: "ثم توضئي لكل صلاة" من كلام عروة. وأجيب: بأنه من كلام النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ولكن الراوي علقه [قال الحافظ في "الفتح" ص 286: ادعى بعضهم أن هذا معلق، وليس بصواب، بل هو بالإسناد المذكور عن محمد عن أبي معاوية عن هشام، وقد بين ذلك الترمذي في روايته، وادعى آخر أن قوله "توضئي ": من كلام عروة. موقوفًا عليه " وفيه نظر" لأنه لو كان كلامه لقال: "ثم تتوضأ" بصيغة الإخبار، فلما أتى بصيغة الأمر شاكله الأمر الذي في المرفوع، وهو قوله: "فاغسلي" اهـ] إذ لو كان من كلام عروة لقال، ثم تتوضأ لكل صلاة، فلما قال: "توضئي" شاكل ما قبله في اللفظ، وأيضًا فقد رواه الترمذي، فلم يجعله من كلام عروة، ولفظه: "وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وتوضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت"، وصححه. - حديث آخر أخرجه أبو داود [في "باب الصائم يستقي عامدًا ص 331، و الترمذي: ص 89 قلت: في هذا الحديث مباحث: - 1 - الأول: أن الحديث عزاه الزيلعي. وابن حجر، غيرهما إلى الثلاثة، وإني لم أجد هذا الحديث في "السنن الصغري" للنسائي أصلًا واللّه أعلم. - 2 - الثاني: أن الحديث مركب من حديثين: حديث أبي الدرداء. وحديث ثوبان، وفي كل منهما المطلوب، أما حديث أبي الدراداء، ففي طريق للترمذي فقط، فإن فيه: قاء فتوضأ، كقولهم: سافر فأفطر. أو شرب فحمد، وأما حديث ثوبان ففي طرفه كلما: أنا صببت له وضوءه، ولهذا أورده البيهقي. وابن جارود. والدارقطني في "الطهارة" مع أن في طريقهما لا متعلق في حديث أبي الدرداء. (يتبع...) (تابع... 1): - الحديث الثامن عشر: روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال:... ... - 3 - والثالث: أن الحديث أخرجه أبو داود: ص 331. و أحمد: ص 195 - ج 5، وص 443 - ج 6 والدارمي: ص 218. والدارقطني: ص 238. والطحاوي: ص 351. والحاكم: ص 426، وصححه على شرطهما. والبيهقي: ص 144 - ج 1. و الترمذي: ص 89. وابن جارود: ص 15 كلهم في "الصيام" إلا الثلاثة الأخيرة فإنهم أخرجوه في "الطهارة" ويلفظ: "قاء فأفطر" إلا الترمذي، فإن فيه "قاء فتوضأ" ومن طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه بإسناده، إلا أبا داود والدارقطني فإنهما أخرجاه من طريق عبد اللّه بن عمر عن عبد الوارث، وإلا أحمد في روايته، فإن فيه عن هشام الدستوائي، وإلا في روايتين من "المستدرك" فإن فيهما عن الدستوائي. وحرب بن شداد عن يحيى، الخ. - 4 - الرابع: أن من ظن أن الاستدلال في حديث أبي الدرداء فقط، ورأى أن كثيرًا من أرباب الأصول لم يوردوه إلا بلفظ "قاء فأفطر" فقط. وقال: من استدل بحديث الباب لا بد له أن يثبت أن لفظ - فتوضأ - بعد - قاء - محفوظ، تفوه هذا القائل بهذا، وحيث لم يقل أحد من أئمة الحديث: بأن لفظ - فتوضأ - غير محفوظ كان ينبغي له أن يسكت كما سكت عنه الترمذي، بل يكتفي بقول الترمذي "حديث حسين أصح شيء في هذا الباب" ومن أين له أن يطالب بهذا، وسكت عنه الحفاظ، وصححه الترمذي. والحاكم، وأي تعارض بين: قاء فتوضأ، وبين: قاء فافطر، لنحتاج إلى تخطئة التقات من أصحاب عبد الصمد. وأبي عبيدة بن أبي السفر. وإسحاق بن منصور؟ وقد روى معمر هذا الحديث عن يحيى بإسناده. كما في "مسند أحمد" ص 449 - ج 6، وفيه استقاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأفطر، فأتى بماء فتوضأ. فإن قيل: قال الترمذي: روى معمر هذا الحديث فأخطأ، قال: عن يعيش عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء، ولم يذكر الأوزاعي، وقال: عن خالد بن معدان، اهـ. قلت: إذا اخطأ الثقة الثبت في لفظ السند، وتبين ذلك بالحجة الواضحة يقتصر على تبين فيه فقط، فخطأ معمر في - معدان - وترك الأوزاعي لا يدل على خطأ المتن أيضًا لا سيما ولم يخالف فيه أحدًا من الثقات، فإن أصحاب عبد الصمد رووا عنه الوضوء والإفطار كليهما فهما في الحديث، فحديث معمر. وعبد الصمد متوافقان لا يختلفان، ولو كان الاختلاف لما ضر أيضًا، ألا ترى أنهم زعموا أن كلمة: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيما ظهر، الخ في حديث مالك وغيره، حكموا عليه بالادراج لحديث الأوزاعي، وأن حديث الأوزاعي الذي استدلوا به فيه خطأ بين، حيث قال: عن الزهري عن ابن المسيب، وإنما هو عن الزهري عن ابن أكيمة الليثي، كما في "كتاب القراء" ص 97] والترمذي. والنسائي عن حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير حدثني الأوزاعي عن يعيش بن الوليد المخزومي عن أبيه عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قاء فتوضأ، فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت ذلك له، فقال: صدق، أنا صببت له وضوءه، انتهى. قال الترمذي [قال الحافظ في "الدراية" ص 21: صححه الترمذي. والحاكم، وقال في "التلخيص" ص 188: قال ابن مندة: إسناده صحيح متصل، اهـ]: هو أصح شيء في هذا الباب ورواه الحاكم في "المستدرك" [ص 426] وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وأعله الخصم [وهو البيهقي: ص 144] باضطراب وقع فيه، فإن معمرًا [أخرجه أحمد في "مسنده ص 449 - ج 6] رواه عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء، ولم يذكر فيه الأوزاعي، وأجيب: بأن اضطراب بعض الرواة لا يؤثر في ضبط غيره. قال ابن الجوزي: قال الأثرم: قلت لأحمد: قد اضطربوا في هذا الحديث؟ فقال: قد جوَّده حسين المعلم، وقد قال الحاكم: هو على شرطهما، واللّه أعلم. ونقل البيهقي عن الشافعي أنه حمل الوضوء فيه على غسل الدم، قال: وهو معروف من كلام العرب، ثم أسند [ص 141] إلى مطرف بن ماذن حدثني إسحاق بن عبد اللّه بن أبي المجالد عن أبي الحكم الدمشقي أن عبادة بن نسي حدثه عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري عن معاذ بن جبل، قال: كنا نسمي غسل الفم واليد وضوءًا، وليس بواجب، قال البيهقي: ومطرف بن ماذن تكلموا فيه، وقد روي عن [فيه حديث عكراش أيضًا عن الترمذي في - الأطعمة - في "باب التسمية على الطعام" ص 8 - ج 2 فغسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يديه ومسح ببلل كفيه وجهه وذراعيه ورأسه، وقال: "يا عكراش هذا الوضوء مما مست النار" قال الترمذي: هذا حديث غريب، إلخ] ابن مسعود أنه غسل يديه من طعام، ثم مسح وجهه، وقال: "هذا وضوء من لم يحدث"، انتهى. - حديث آخر: أخرجه الدارقطني [ص 57] عن عمرو القرشي أبي خالد الواسطي عن أبي هاشم عن زاذان عن سليمان [في الدارقطني "سلمان] قال: رآني النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وقد سال من أنفي دم، فقال: "أحدث وضوءًا"، انتهى. ورواه البزار في "مسنده" وسكت عنه، قال ابن القطان في كتابه: قال إسحاق بن راهويه: عمرو [أبو خالد عمرو بن خالد، متروك "العلل" ص 48] بن خالد الواسطي يضع الحديث، وقال ابن معين: كذاب، انتهى. وفي "التحقيق" لابن الجوزي. قال وكيع: كان في جوارنا يضع الحديث، فلما فطن له تحول إلى واسط، وقال أبو زرعة: كان يضع، انتهى. ورواه ابن حبان في:كتاب الضعفاء" عن يزيد بن عبد الرحمن بن خالد الدالاني عن أبي هاشم به. وأعله بالدالاني، وقال: إنه كثير الخطأ لا يحتج به إذا وافق [في الدارقطني: "ووافق رواته".] فكيف إذا انفرد؟!. - حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عمر بن رباح ثنا عبد اللّه بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إذا رعف في صلاته توضأ، ثم بنى على صلاته، انتهى. وأعله الخصم بعمر بن رباح. قال ابن عدي في "الكامل" عمر بن رباح العبدي مولى بن طاوس يحدث عن ابن طاوس بالبواطيل لا يتابعه عليها أحد، وأسند عن البخاري أنه قال فيه: دجال، وفي "التحقيق" قال الدارقطني [ص 57]: متروك، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات الموضوعات، لا يحل كتب حديث إلا على سبيل التعجب، انتهى. - حديث آخر أخرجه الدارقطني [ص 55] أيضًا عن سليمان بن أرقم عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: إذا رعف أحدكم في صلاته فلينصرف فليغسل عنه الدم، ثم ليعد وضوءه ويستقبل صلاته". انتهى. وأعله الخصم [أي الدارقطني] بسليمان [لعله هو الذي ذكره الخطيب في: ص 13 - ج 9، وضعفه] ابن أرقم. - الآثار في ذلك روى مالك في "الموطأ" [في "باب ما جاء في الرعاف والقيء" ص 13] ثنا نافع عن ابن عمر أنه كان إذا رعف رجع فتوضأ ولم يتكلم، ثم رجع وبنى على ما قد صلى، انتهى. وعن مالك رواه الشافعي في "مسنده" قال الشافعي: وحدثنا عبد المجيد عن ابن جريج عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أنه كان يقول: من أصابه رعاف، أو مذي أو قيء انصرف، فتوضأ، ثم رجع فيبني، انتهى. وروى عبد الرزاق [والدارقطني: ص 57 من طريق يونس عن أبي إسحاق عن عاصم، والحارث عن علي، الحديث بمعناه] في "مصنفه" أخبرنا الثوري عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال: إذا وجد أحدكم رزءًا أو رعافًا، أو قيئًا فلينصرف فليتوضأ، فإن تكلم استقبل، وإلا اعتد بما مضى، انتهى. أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن عاصم عن عليٍّ نحوه. أخبرنا الثوري عن عمران بن ظبيان الحنفي عن حكيم بن سعد الحنفي، قال: قال سلمان: إذا وجد أحدكم رزءًا من غائط أو بول فلينصرف فليتوضأ غير متكلم، ثم ليعيد إلى الآية التي كان يقرأ. وأخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: إذا رعف الرجل في الصلاة أو زرعه القيء أو وجد مذيًا فإنه ينصرف فليتوضأ ثم يرجع فيتم ما بقي على ما مضى ما لم يتكلم، انتهى. وروى مالك [ص 13] في "الموطأ" أخبرنا يزيد عن عبد اللّه بن قسيط أنه رأى سعيد بن المسيب رعف وهو يصلي فأتى حجرة أم سلمة زوج النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فأتى بوضوء فتوضأ، ثم رجع وبنى على ما قد صلى، انتهى. قال النووي في "الخلاصة": ليس في نقض الوضوء وعدم نقضه بالدم. والقيء. والضحك في الصلاة، حديث صحيح، انتهى. -
|